الرئيسية / كتابات / الشهيد البطش.. قتلوه لأنهم خائفون

الشهيد البطش.. قتلوه لأنهم خائفون

محمد محيسن

الكتابة عن الشهداء لا تحتاج الى وقت أو الى مناسبة، ولكننا نتفاجأ بأن هؤلاء الماضين بصمت هم وحدهم الذين لا يمكن لأي كائن أن يتجاوزهم أو ينساهم،( كل شيء يبدأ منهم وسينتهي بهم حتما).
بالأمس ارتقى عريس آخر من هؤلاء الصامتين، كان سلاحه تفوقا علميا، وسموا أخلاقيا اقض مضاجع بني صهيون، فتحركوا وفق غريزتهم في القتل، أو وفق شعورهم الدائم بالخوف.
عندما لا تتورع ‘دولة’ تزعم أنها ‘واحة الديمقراطية في الشرق الأوسط’ باغتيال طفل يلهو بطائرة ورقية قرب الحدود، لا نستغرب أن تغتال عالما مبدعا قبل أن يصل الى طلابه في الجامعة.
لم يكن الدكتور فادي محمد البطش الوحيد الذي تم اغتياله من قبل دولة الكيان الصهيوني ولن يكون الأخير، فالخوف الذي يجتاح هذا الكيان دعاهم لأن يكونوا قتلة برخصة دولية، بل بحماية المجتمع الدولي الذي اعتادنا على صمته عندما تكون الضحية مسلمة أو عربية أو فلسطينية.
لم يشاهد البطش يحمل بندقية، ولم يقف على الحدود بمدفع رشاش بل كان يذهب الى جامعته حاملا سلاح العلم والأخلاق، وهو السلاح الأكثر فتكا وتأثيرا لمن يفتقدون هذه القيم وهذه المعاني.
وكأن الجميع صمت وهو ينظر الى الكيان الصهيوني وهو يتمادى ويتطاول ليس على المقدسات فقط، بل على الأرض والإنسان والطير والشجر والحجر حتى العلماء، وعلى كل ما هو مقدس وكل ما هو مبارك، عجز على أن يمارس إنسانيته ففضل التغاضي عن مشهد القتل المستمر في كل مكان.
أما الأشقاء فقد كان أكثرهم تأثرا هو من كتب نعيا أنيقا عن الشهيد، فيما لجم الخنوع لسان وسيوف الكثير من الأشقاء الآخرين، الذين لم يجرأوا حتى على البكاء، أو الصراخ فلوحوا بالوعيد وتستروا بعباءة محاربة الإرهاب.

لم يتصدر قتل العلماء على الشهيد البطش، فقد تواردت معلومات عن مجموعة من الاغتيالات لمدعين عرب خلال عام 2018 وهم:
– م. هشام سليم مراد، طالب لبناني تخصص فيزياء نووية تم اغتياله في فرنسا بتاريخ 28-2 -2018.
– حسن علي خير الدين، طالب لبناني في كندا تم اغتياله بتاريخ 25-2-2018 بسبب أطروحة الدكتوراه حول سيطرة اليهود على الاقتصاد العالمي، وقد تم تهديه قبلها إن استمر في بحثه حول اليهود.
– م. إيمان حسام الرزه، نابغة فلسطينية وجدت جثه هامدة بتاريخ 25-3-2018، وتعمل مستشاره في الكيمياء، قد ابتزها ضابط مخابرات إسرائيلي قبل مقتلها بفترة وجيزة.
والشهيد البطش من مواليد (1982) تميز بتفوقه وإبداعه العلمي، وله في هذا المجال إسهامات مهمة ومشاركات في مؤتمرات دولية في مجال الطاقة.
– حاصل على شهادة الدكتوراه في الهندسة الإلكترونية، ومحاضر في جامعة ماليزية خاصة، وهو في الأصل من سكان مدينة جباليا بقطاع غزة، متزوج وله ثلاثة أطفال.
– حصل البطش على عدد من الجوائز العلمية، أبرزها جائزة منحة ‘خزانة’ الماليزية عام 2016 كأول عربي يتوج بها، كما حصل على براءات اختراع عدة لتطويره أجهزة إلكترونية ومعادن لتوليد الكهرباء.
وفي أثناء رحلته الدراسية نشر البطش عددا من الأبحاث العلمية المحكمة، وشارك في مؤتمرات دولية باليابان وبريطانيا وفنلندا وغيرها.

عن محمد محيسن