الرئيسية / كتابات / الفرق بحجم الكرامة.. الكرامة فقط

الفرق بحجم الكرامة.. الكرامة فقط

ما هي إلا أيام حتى تنتهي موجة الغضب التي ترافقت مع الإعلان الأمريكي عن تفاصيل صفقة القرن، التي تعني بكل وقاحة الغرب الأمريكي المتصهين تصفية للقضية الفلسطينية.
وسيبقى الفلسطينيون وحدهم في الميدان وكل ما يمتلكونه سكين ثلم، وحجر وكرامة وبقايا أمل. بين من يعد العصي ومن يتلقاها ثمة فرق كبير، الفرق ليس بحجم الالم، ولا بحجم الجرح ولا بحجم المصيبة.. ولكن بحجم الكرامة.. الكرامة فقط.
في الصورة القادمة ألان من الأرض المحتلة عشرات الجرحى ، وشباب عزل يقارعون بأجسادهم العارية جنود مدججون بالسلاح وكل وسائل الحرب الاكترونية والاستخبارتية ، فيما يصر المتضامنون مع أهل فلسطين البقاء متمترسين وراء “الكيبورد” ملتصقين بهواتفهم النقالة او خلف شاشات التلفزيون “و كفى الله المؤمنين شر القتال”.
في الزمن القريب عندما امتلك الفلسطينيون البندقية ، كانت السجون وأماكن الاعتقال العربية وغير العربية مليئة بآلاف المناضلين ، بل اتهمت الثورة الفلسطينية في حينها “بالارهاب” ، وضيقت الخناق على الثورة بحجج كثيرة كان أكثرها مدعاة للسخرية ما سميي بـ”المقاومة العبثية” .
تحمل المناضلون كل أنواع السخرية فيما وصفهم البعض بـ”الزعران” بحجة ان “العين لا تقاوم المخرز”، ثم تم اتهامهم بأنهم يرفضون السلام المشرف” ،وترددت كثيرا مقولة ” الطريق الى القدس لا تمر من احد العواصم العربية”.. الأمر الذي اضطر الفلسطينيين لقبول الواقع الأليم وتحويل المعركة من يد تضغط على الزناد الى معركة سياسية كانت تداعياتها اوسلو ومشتقاتها وصولا الى صفقة القرن التي أنهت كل أمل بحل سياسي يعيد ولو القليل من الكرامة .
ليست دعوة للتشاؤم ولكنها محاولة للفهم كيف وصل بنا الحال الى هذا الواقع المتردي ، واقع خلقته ظروف محيطة جعلت من يفكر بالعودة الى المربع الأول والرصاصة الأولى وبالتحرير في خانة الإرهاب ، ويصنف بأنه عبثي وبعيد عن الواقعية السياسية .
كم هي مؤلمة تلك السنوات التي انتظرها الفلسطينيون سواء من كان منهم في المهجر، ومن صمد داخل الأرض المحتلة ، ولكنهم عندما حاولوا نقل عملهم الى داخل الأرض المحتلة ، اتهموا بأنهم مطبعين وانهزاميون بل وصل الحال الى اتهامهم بتسليم فلسطين والتفريط بالمقدسات .
من يفكر ومن يعتقد أن أطماع الكيان الصهيوني تقف عند فلسطين بحدودها التاريخية فهو واهم ، فالدستور الإسرائيلي ينص صراحة بان حدود الدولة العبرية من النيل إلى الفرات .
ولكم ان تعرفوا ماذا فعلت إسرائيل بالأمة العربية وكيف ساعدت في انهيار القيم وتدني الأخلاق وخلق الفتنة.. كل هذا يحدث وما زالنا نتهم بعضنا العض ونتراشق بالبيانات ويقتل العرب بعضهم براجمات الصواريخ وبكافة أنواع الأسلحة ، فيما يقاتل الفلسطيني بالسكين والحجر ..

عن محمد محيسن