الرئيسية / سلايد شو / خبراء القضم والتشليح..!

خبراء القضم والتشليح..!

 بالشوكة والسكين تمضي الحكومات المتعاقبة بابتلاع البقية الباقية من مدخرات المواطنين ورواتبهم، وتحديدا ممن هم تحت طائلة الطبقة الوسطى. وبالقدر الذي تزعم فيه تلك الحكومات حرصها على إدامة هذه الطبقة، يعمل خبراء القضم والبلع والتشليح، على اختراع مواد قانونية، وقرارات استثنائية كفيلة بإفقار الفقير وزيادة في غنى الأغنياء.

يبدو أن سياسة الحكومة الحالية اقتنعت تماما أن خير استراتيجية للقضاء على الفقر، هي إبادة الفقراء والقضاء على الطبقة الوسطى، فأمعنت في التغول على هذه الطبقة التي باتت تئن وتترنح من حجم الضرائب والضربات الموجعة والقاضية التي تتلقاها واحدة تلو الاخرى. ولم تعدم لذلك وسيلة بدءاً من رفع المحروقات بسبب وبدون سبب الأمر الذي أدى إلى رفع الأسعار، مرورا بمخالفات الشوارع التي باتت أشبه بنظام الجباية، وليس آخرها الضرائب التي قد تطال الطبقة الأفقر في المجتمع، وذلك استنادا الى نصيحة من البنك الدولي .

الحكومات الحالية والتي سبقتها وربما التي ستليها، لم تدخر وسيلة إلا اتبعتها، في تحقيق هذه الإستراتيجية الأسهل للقضاء على بؤر الفقر، معتمدة على نصيحة البنك الدولي التي تقول إن (أقصر الطرق لإنهاء دراما الفقر في العالم هو قتل الفقراء) حيث تتجاهل في نصائحها الحاجات الماسة للطبقات الكادحة. فقد اعتدنا على أن نصائح البنك الدولي القاضية بالتوقف عن دعم قطاعات الزراعة والصناعة والتدريب، وبرامج توفير التوظيف، صبت في صالح رجال الأعمال بدل المصانع، والمضاربين بدل المدارس» وتمددت هذه النصائح لتصل كل فئات المجتمع دون استثناء.

وتبدو الصورة في الشوارع والأزقة واضحة حيث باتت القمامة مصدر معيشة للكثيرين، وأطراف المدينة المهترئة والغارقة في اللامبالاة ملاذا للكثير من الفقراء. يقول احد المثقفين العرب إنه لا يستبعد أن يرى في بعض شوارع العرب عجوزا تنتعل حذاء بيديها بدلا من القدمين، كي تستطيع مواصلة الزحف على الرصيف، ونرى آلاف الأطفال يقفزون كالفئران المذعورة بين السيارات، وهم يحملون باقات ورد ذابل وحزين، أو يبيعون المناديل الورقية واللبان واحيانا أنفسهم، ونقرأ عن جرائم من طراز جديد لم تعرفه هذه المجتمعات من قبل، رغم السنوات العجاف وحالات الكفاف التي عاشتها.. فالشقيق لم يعد يسلم من سكين توأمه، والزوج لا ينجو من خنجر امرأة تقطعه وتحشو لحمه النازف في كيس قمامة ، ونرى الذكي الموهوب يهان، والغبي الاخرق يرفل في نعيم جهله ويزهو. فقد أدت هذه السياسة إلى اتساع الفجوة بين المتخم والمعدم بحيث أصبح المواطن مهددا بفقدان الاستقرار النسبي الذي يضبط الحد الأدنى من توازنه.. ولكن إلى متى ..؟!

عن محمد محيسن