الرئيسية / كتابات / “حزيران الخمسين”

“حزيران الخمسين”

محمد محيسن

قبل خمسين سنة، وخمس حروب، وثلاثة ملايين بيان شجب واستنكار ورفض، وعشرات التفاهمات والمعاهدات السلام ومشتقاتها. وآلاف من الاتفاقيات المعلنة والسرية والمغلقة وخلافه.. يطرح احد المقهورين تساؤلاً مهما إن كانت لدى مسلمي العالم وعربه قدس أخرى احتياطية! تنوب عن هذه المدينة الخالدة في حال رحيلها.
تساؤل بدأ متوقعا امام هذا الكم الهائل من التردي الذي وصل مرحلة غير مسبوقة، وترافق مع واقع عربي مليء عن آخره بالفتن وحروب لطوائف والانساب التي ابْتَلعتْ معظم السلاح المتدكدس عبر عشرات السنين، والمرصود كما قيل لنا سابقا للعدو المشترك! ليتبين انه مرصود للصديق والاخ المشترك!
ويطل حزيران، ويطل معه هذا الكم الهائل من الانحدار الاخلاقي والقيمي، هذا الانحدار الذي جعل الكثير من الناس يُبدون اهتماما في البحث عن ترددات Mbc ويتجاهلون أنات آلاف الاسرى في سجون الكيان الصهيوني في معركة الامعاء الخاوية.
ومنذ خمسين عاما واكثر ونحن نعيش في متاهة وانغلاق سياسي، وكوارث اقتصادية مزرية، وتفسخ وطني، وتشتت قومي، فيما تتفاقم ازمة المذاهب والطوائف؛ فطغى الاستبداد على الحياة عامة في كل مؤسسات المجتمع العربي والإسلامي من دون استثناء، فاعتقل العقل، ومعه الفكر والرأي، وغابت الحرية، وسيطر الجمود في الفكر والممارسة، وصار الاستبداد ميزة الأمة العربية والإسلامي.
وتمر ذكرى حزيران قد حل في مرحلة ضبابية نطل من خلالها على ما هو اكثر ظلمة وأكثر سوادا. فالامة العربية اليوم تمر في مرحلة التدمير الذاتي الذي سيخرجها من التاريخ، ويحرمها من القرارات السيادية، في ظل بعث محاور جديدة، وتحالفات لها مصالحها واجنداتها الخارجية.
ويطل حزيران، ويطل معه الوجود الامريكي بكل قوته، معلنا عن نية خجولة لتحقيق ما اصطلح على تسميته بالسلام، فيما تعيش “اسرائيل” ايام مجدها الاخير!
خمسون حزيران مضت، وما زال الحصار الذي اعتاد عليه الفلسطينيون، والذي سبقه منفًى وسجن وتشريد، وحرب ليس لهم فيها ذنب الا انهم حاولوا البقاء احياء بين كومة من الاموات، وفاقدي الضمير والانسانية باقيا ويزداد قتامة.
ويأتي حزيران في الوقت الذي انقلبت فيه الحقائق رأسا على عقب؛ فقد ارتدى فيها الجلاد والمحتل قناع الضحية، وحاول احتكار الأنين والألم، بل صار القتل بدم بارد حلالًا، فيما أضحت مقاومة المحتل حرامًا بفتوى شرعية!!
خمسون عامًا على حزيران وما زالت الجيوش التي اختفت بلمح البصر في ذلك اليوم الاسود تقنعنا بنصرها! وما زال الساسة كما هم يروجون انهم الأوحدون! وبدونهم الفناء!

عن محمد محيسن