
كلما حدثت مصيبة او كارثة او عدوان على دولة عربية يسارع المسؤولين العرب الى الأمم المتحدة ، على الرغم ان التجارب السابقة واللاحقة لم تكن سوا أصوات تتصارخ داخل قاعة مغلقة.
لقد فشلت الأمم المتحدة في تحويل هذه الأصوات الى أفعال قابلة للتطبيق ورغم ذلك نصر على طرح شكوانا عبر بكائيات، نقدمها الى عالم يحكمه قطب واحد متفرد لا يرى الا نفسه وربيبته “الكيان الصهيوني” والغرب المتفوق فوق القانون وخارج المحاسبة.
ومن ظن من العرب انه سيطفر بالأمن والامان لمجرد خطاب حزين لم يدرك بعد انه اصبح الان في مرمى القناص ورصاصه الذكي والغادر..
تصور معي ان مجلة مثل نيوز ويك تطرح سؤلا هاما “لماذا لم تبذل الأمم المتحدة مزيدا من الجهد لإنهاء العنف في غزة؟ أو وضع حدا للصراعات في سوريا والعراق السودان وليبيا وأفغانستان وأوكرانيا؟
هذه هي الأسئلة التي يجد مسؤولو الأمم المتحدة أنفسهم مضطرين للإجابة عليها، ليس بوتيرة متصاعدة فحسب، ولكن بعاطفة وإحباط متناميين. ولذا يصعب أن نتذكر وقتا يواجه فيه العالم مثل هذا العدد الهائل من الأزمات التي تبدو مستعصية على الحل، في الوقت الذي تقف فيه الهيئة التي يتمثل دورها في التوسط لحل تلك المشكلات عاجزة تماما عن القيام بدورها.
اعتقد ان السؤال الأهم لماذا يتوجه المظلومين من بينهم السؤولين العرب الى الأمم المتحدة رغم علمهم المسبق انها تحولت الى مجرد وعاء للتعبير عن القلق والعجز. وستبقى كذلك مادامت لا تمتلك الأدوات التي تساعدها تحقيق الحد الأدنى من العدالة.
ربما يقرر أحد الأمناء العامين للأمم المتحدة الذين كانوا شهود على الظلم في يومٍ من أيام التقاعد الممل، أو في لحظة صفاء بين كوب شاي او كأس نبيذ فاخر، أن يكتب مذكراته، كما فعل كوفي عنان تلك التي لم يجرؤ على كتابتها وهو يتقاضى راتب أمين عام العالم
سيقول فيها أشياء كان يظنها شجاعة، لكنها بعد فوات الأوان تصبح مجرد فضفضة متأخرة، مثل اعتذار لصديق دهسته بالحافلة ثم أرسلت له وردة بالبريد. هل سيجرؤ على القول ان قرابة اثلاث الاف موظف قتلتهم “إسرائيل” بسلاح امريكي
ويا له من موقف: أن تحاسب بعد تركك للكرسي، وكأن الشجاعة السياسية لا يتم منحها إلا مع مكافأة نهاية الخدمة..
طامة الكبرى أن تكون أميناً عاماً للبشرية، لكنك تتصرف كأنك السكرتير الخاص للإمبراطور المهيمن
لا احد يعلم قد يأتي ذاك اليوم المنتظر، وينتصر العدل حيث تجتفي الغيوم السوداء، وتزال الغمامة الداكنه، ويعاد طرح الأسئلة الحقيقية:
من قتل من؟ من خان من؟ ولمن يجب عليه أن يعتذر؟ وكأننا ندشن تاريخاً جديداً..
اما لان واحتراما للذات ما علينا الا ان نكتب بيان استقالة جماعية من النفاق الدولي!