ظهر النظام السياسي الأردني ضعيفاً في معالجة جريمة السفارة الإسرائيلية، وتواطأ بما لا يدع مجالاً للشك في عودة المجرم الإسرائيلي زيف إلى حضن صديقته إلى تل أبيب، وبحراسة أردنية، في تخلٍ عن قيم الوطنية الأردنية وتحدٍ للكرامة والإرادة الشعبية.
لم يكتف رئيس الوزراء الأسرائيلي، بنيامين نتنياهو بالتواصل هاتفيا مع سفيرته والمجرم، منذ مغادرتهم مبنى السفارة وحتى وصولهم آمنين سالمين للمعبر الأردني، بل استقبلهم في مكتبه، وربت على كتف المجرم الإسرائيلي مشيدا بفعلته، ومتسائلا إذا ما خلد إلى عشيقته أم لا؟.
بين مساء الجمعة الفائتة وليل الإثنين تكشّفت منظومة العقيدة الوطنية للأردنيين، وظهرنا عرايا أمام أنفسنا أولاً، ثم أمام العدو الإسرائيلي ثانياً، وبما يسقط زيفنا الوطني، المكتنز بـ”هيزعيات” من قبيل “يا ويل الي يعادينا” و”ارفع راسك انت أردني”.
دس الرسمي- السياسي والأمني- جباهنا -التي لم تركع يوما إلا لله- في وحل خزيهم وعارهم، وبما يستدعي تجريدهم من حواضنهم الاجتماعية والسياسية والاقتصادية.
باختصار شديد، إنها وصمة عار لن تمحى. فقد خرج الحارس الإسرائيلي شامخاً من عمان إلى تل أبيب وبحفاوة المنتصرين، رغم ارتكابه جريمة قتل مكتملة الأركان على أرض أردنية، في مخالفة لمختلف القوانين والأعراف الدولية والمحلية.
صحيح أن قانون العقوبات الأردني استثنى الدبلوماسيين من أحكامه، لكن المجرم لا يستفيد من ذلك الاستثناء، فهو مجرد حارس لا أكثر ولا أقل، لكن حارسهم سيد وغضنفر؛ فتتجمد قوانيننا أمامه وتصبح كلها استثناءات.
نصّت المادة 11 من قانون العقوبات الأردني على : “لا تسري أحكام قانون العقوبات رقم ١٦ لسنة ١٩٦٠ وتعديلاته على الجرائم التي يرتكبها في المملكة موظفو السلك الخارجي والقناصل الأجانب ما تمتعوا بالحصانة التي يخولهم إياها القانون الدولي العام”.
وفق ذلك، فإن المجرم لا يستفيد من الاستثناء فلا هو دبلوماسي ولا قنصل، إنه حارس ببندقية.
أما المادة 38 من اتفاقية “فينا” فقد حصرت الامتيازات والحصانة لمن يقدمون خدمة للسلك الدبلوماسي، وهي ناشئة من موافقة الدولة المعتمد لديها، والأردن لم تعط الحارس ميزة وحصانة بقتل الأردنيين، كمان أن القضاء الأردني هو صاحب الولاية عليه.
كل ذلك لا يعني شيئا أمام رغبة نتيناهو ووعده الحارس زيف أن يعود لمنزله من دون محاكمات، وعليه أن يوفي بوعده أمام المجتمع اليمني في إسرائيل، وإلا فإن بقاء حزب الليكود الإسرائيلي في السلطة محفوف بالمخاطر.
تتحمل الحكومة وزر أخطائها، فليس مقبولاً ان نبادل كرامة الأردنيين ودماءهم بحجج واهية وعناوين فضفاضة مثل؛ إزالة البوابات الإلكترونية على أهميتها. إنها حجة لتهريب المجرم الإسرائيلي فقط.
هل انتبهتم لسؤال رئيس الحكومة الاسرائيلية، بنيامين نتنياهو المجرم الإسرائيلي زيف عن عشيقته، خلال اتصال هاتفي، متجاوزا بذلك كامل تفاصيل الأزمة وعناوينها؟. نتنياهو سأل زيف التالي: هل حددت موعدا مع صديقتك ليجيب زيف: لا … لا يوجد متسع من الوقت.
نعم، لا يوجد وقت لإضاعته أمام من يريد إضعاف الدولة والنظام. لا مبرر اليوم لغياب رئيس الحكومة عن كل ما يحدث في البلاد، وهو صاحب الولاية العامة؛ ما يضع المرجعيات العليا والمؤسسات الأمنية في مواجهة الرأي العام الغاضب من انسحاب الحكومة في أزمة الحويطات والسفارة الأسرائيلية.