محمد محيسن
على الرغم من قيامنا بالتواصل الاجتماعي إلا إننا قي الحقيقة نعيش في عزلة قاتلة..
عدد غير قليل من الأسر لا تجلس مع بعضها البعض إلا فى حالة واحدة عند “انقطاع التيار الكهربائي”.
صنعنا لأنفسنا أصدقاء خياليين وتركنا عائلاتنا الحقيقة،النتيجة انعدمت الألفة بين إفراد الأسرة الواحدة.
غابت المثل العليا والقيم التي تربينا عليها نحن الكبار ، بعد أن صنع الكثير منا،تحديدا الشباب لأنفسهم إبطالا وهميين وعالم أخر لا علاقة له بالواقع .
تقول دراسات حديثة بان ظاهرة الأصدقاء الخيالين أو الرفاق الخياليين ظاهرة نفسية واجتماعية تبرز فيها علاقة الصداقة أو أي علاقة شخصية أخرى في المخيلة بدلا من وجودها في الواقع المادي الخارجي، ويعتبر الأصدقاء الخياليون شخصيات خيالية صممت للتمثيل الارتجالي للأدوار، وغالبا ما يكون لها سمات وسلوكيات متقنة حيث تبدو حقيقية لمن يتخيلها رغم أنها في النهاية تكون غير حقيقية.
نتحدث مع غيرنا عبر الهاتف النقال دون ان نراهم ، نتصنع في كثير من الأحيان الفرح ، او نرسم لأنفسنا ادوار بطولية ، او أشكال جمالية ، تزييف متعمد للحقائق يقابله تزييف آخر, النتيجة ما نراه من تفكك قيمي وفلتان للبوصلة والهوية وحتى الانتماء للأسر ، بعد أن ابتعد الحنين والعاطفة عن علاقاتنا الداخلية .
لا يحتاج الإنسان الحديث إلى الكثير من الانتظار كي يدرك انه في واد وما يدور حوله شيء مختلف وما تحمله الأخبار والرسائل القصيرة والنصية في واد آخر”. فعندما يدرك تكون الأمور قد تبدلت، وقبل ان يحاول التصرف وفق المعطيات الجديدة يكون تصرفه ناتجا عن ردة فعل لحدث قديم، ويكون الخبر الجديد قد وصل بالفعل
وبما ان الأفعال والممارسات غالبا ما تكون مقرونة بالنتائج ومعتمدة على معلومات مسبقة، فقد أدت التطورات المتلاحقة في الحياة اليومية إلى حصول تفاوت حضاري بين المرء ونفسه، لدرجة ان التصادم بات وشيكا ما بين يوم المرء وغده، وصار الإنسـان كالكرة تتقاذفه الأخبار التي لا تتوقف كيفمـا تشـاء.
لقد أثقلت علينا السرعة وضغطت على أعصابنا، وبتنا نعاني ضغطا وإرهاقا، رغم أنها مثيرة وصارخة لكنها تحاصرنا في مشهد متكرر لموضوع واحد.
أصبحنا نشعر بتوتر عام وإجهاد عصبي نعانيه جميعاً، وحالة من الترقب والانتظار واللهاث لما بعد الحدث.. حالة عاجلة باستمرار متلاحقة لا تتوقف.
يقول صديقي إنه يريد أن يصحو في الصباح فيبتسم دون أسباب واضحة لمجرد أن الصباح عادي. ويضيف أحتاج إلي بعض الهدوء والسكينة، أحتاج إلى التقاط أنفاسي. قبل أن يكمل حديثه انقطع الأتصال ..