حازم عياد
تتعرض تركيا لهجمة اقتصادية وسياسية وامنية وعسكرية تمثل تهديدا وجوديا للدولة التركية.
التصريح الذي قدمه اردوغان لتقييم الموقف في اعقاب الهجمات التي واجهتها تركيا خلال الاشهر القليلة الماضية، وتوجت في رأس السنة الجديدة 2017 بهجوم دموي استهدف ملهى ليليا في اسطنبول، مسفرا عن مقتل 39 شخصا من بينهم 16 سائحا اغلبهم من العرب.
اردوغان دعا الشعب التركي الى التوحد لمواجهة التهديدات الاقتصادية والامنية والسياسية التي تستهدف بلاده، واستقلالها وسيادتها امام هجمة شاملة لا تقتصر على الارهاب القادم من داعش او حزب العمال الكردستاني فقط، فالهجوم جاء في سياق اقليمي ودولي ملتهب، تحاول فيه تركي اعادة التموضع؛ دفاعا عن وحدة اراضيها وسيادتها واستقلالها.
دعوة اردوغان لاقت استجابة من احزاب المعارضة، وعلى رأسها حزب الشعب بقيادة كليجار، فحجم التهديد بات اكبر من كونه مجرد محاولة استثمار سياسي من قبل حزب العدالة لمواجهة خصومة، وتعزيز نفوذه.
تركيا دخلت العام الجديد وهي تخوض معركة شاملة على كل الجبهات في سوريا والعراق، والاهم من ذلك الجبهة الداخلية التي واجهت محاولة انقلابية ترافقت مع انهيار الهدنة مع حزب العمال الكردستاني الانفصالي. المعركة ممتدة وليست حدثا طارئا بل انعكاس لأزمة الاقليم وتفككه، وتصارع الاجندات الدولية والاقليمية، فخيارت انقرة باتت محدودة؛ فإما الصمود والحفاظ على الوجود والهوية والاستقلال، او الاستسلام لرغبات الخصوم والمنافسين الاقليميين والانفصاليين لتغدو ساحة للتصارع الاقليمي والدولي، بدل ان تكون لاعبا اقليميا فاعلا في المنطقة.
توحد الاتراك هو الرد الطبيعي على التهديد الوجودي الذي أخذ أشكالًا عديدة على مدى العام 2016 من محاولات انقلابية، الى نزعات انفصالية، والى تدخلات اجنبية في الانتخابات المحلية، والى ضغوط سياسية واقتصادية وامنية تستهدف القرار التركي واستقلاله، وتنتقص من السيادة التركية، فقوة التجاذب على دور ومكانة تركيا تزداد كلما زاد مستوى المقاومة لدى النظام السياسي للضغوط التي تهدف إلى نزع استقلالية قراره السياسي.
ضغوط تمارسها قوى دولية واقليمية، بل كيانات دون الدولة كداعش وحزب العمال الكردستاني؛ ما يجعل ادارة المعركة مسألة غاية في التعقيد، الى جانب كونها مكلفة، فإما أن تخرج تركيا من هذه المعركة قوة اقليمية فاعلة، او ان تخرج كيانا سياسيا هشا تعصف به رياح الاقليم، وتعبث فيه القوى الاقليمية والدولية والكيانات السياسية والعسكرية الهامشية.
تهديدات لن تتغير او تتوقف بتغير رئيس الدولة او الحكومة؛ فتوقفها يعني احد امرين ان تركيا اختفت من الخارطة السياسية لصالح كيان دولة هش وفاشل وساحة للاقتتال والتصارع، او انها غدت قوة اقليمية تسعى القوى الدولية والاقليمية لاسترضائها، والتعاون معها.