حازم عياد
كان لافتا الخبر الذي تحدث عن مليون مواطن اردني لن يشاركوا في الانتخابات المقبلة؛ بسبب تواجدهم خارج الاردن للعمل؛ العدد ضخم وتحويلاته تقدر بأكثر من 2 ملياري دينار سنويا فالعمالة الاردنية تمتاز بالضخامة، ولا يمكن تجاهلها وتجاهل دورها في النشاط الاقتصادي وتخفيف حدة البطالة في الاردن.
الانتخابات على اهميتها لا تمثل الهاجس الحقيقي للاردنيين سواء العاملون في دول الخليج ام في الاردن؛ ذلك ان الاهتمام والهاجس الشعبي انصب خلال الاشهر والاسابيع الاخيرة على تسريح العمالة الاردنية من دول الخليج بأعداد غير مسبوقة؛ ليتحول مصير العمالة الى الموضوع الاكثر حضورا في جلسات الاردنيين ومناسباتهم الاجتماعية التي يتفاجؤون فيها بالاقارب والاصحاب الذين تعودوا على غيابهم فقصة العمالة باتت منافسا قويا لقصة الانتخابات والمشاركة فيه؛ والاهم من ذلك النقاشات السطحية والضحلة التي تدور على العديد من مواقع التواصل الاجتماعي.
فانهيار اسعار النفط وتقليص الموزانات وايقاف المشاريع الكبرى في دول الخليج ادى الى انهاء عشرات آلاف العقود؛ حقيقة باتت مثار قلق العديد من الاردنيين سواء العائدون ام الذين ينتظرون تقرير مصير شركاتهم وعقودهم ام الطامحون من الشباب للبحث عن فرصة عمل في دول الخليج لتحسين اوضاعهم، مغلقا بذلك كوة امل جميلة كانت تداعب احلامهم؛ فالاحباط سيد الموقف والترقب والمتابعة الحثيثة لهذه الاخبار بات من المواضيع الاساسية للاردنيين؛ فالكثير من الاسر الاردنية ومعها العديد من القطاعات الاقتصادية ستتاثر بهذه التغيرات، وعلى رأسها القطاع العقاري.
الملفات الاقتصادية والاجتماعية تنافس بقوة ملف الانتخابات الذي انحصر النقاش فيه حول ميول الاردنين للمشاركة من عدمه، وليس حول دورها في معالجة الملف الاقتصادي ورؤية المرشحين للحلول الممكنة؛ فالانتخابات لا تقع لدى الكثيرين ضمن سلم اهتمامتهم او اولياتهم الحياتية بهذه المعنى الضيق للمشاركة او عدمها؛ فالملف الاقتصادي وتداعيات انهيار اسعارا النفط باتت تؤثر بشكل واضح على الاردنيين، فالانباء تتحدث عن انهاء عقود اكثر من 30 الف مهندس اردني، علما بأنه لم تصدر احصائيات حكومية رسمية توضح حجم الاضرار التي لحقت بالاردنيين نتيجة الازمة الاقتصادية في دول الخليج ولا خطة واضحة للحكومة للتعامل معها.
في كل الاحوال، فإن ملف العمالة الاردنية في دول الخليج من الملفات الاقتصادية الكبرى التي باتت تضغط على عصب الاقتصاد الاردني لتضاف الى سلسلة طويلة من الازمات الاقتصادية، سواء كان القطاع الزراعي الذي يعاني من موسم زارعي ذي طبيعة كارثية؛ نتيجة تراكم الديون على المزارعين والشركات العاملة في هذا المجال او القطاع الصناعي والتجاري بإغلاق اكثر من 2000 مصنع وشركة او القطاع العقاري الذي يعاني من ركود بدوره؛ لتضاف له ازمات المعابر التجارية نحو العراق وسوريا او انخفاض الطلب على السلع والعمالة الاردنية من الدول الخليجية.
ازمات اقتصادية متراكمة باتت تمثل هموما حقيقية يلمسها المواطن في الشارع من خلال التنقل في الاسواق، او من خلال تراجع قدرته الشرائية؛ الهم الاقتصادي بات هما حقيقيا والقلق سيد الموقف فلا افق في المستقبل يشير الى امكانية تحسن الاوضاع الاقتصادية او تغير في الاحوال السياسية والاقتصادية الاقليمية؛ ما يعني مراكمة المزيد من الاحباط في الساحة المحلية امر جدير بالملاحظة والبحث والنقاش، وهو اهم من الانشغال في القضايا الجدلية السخيفة التي ينجرف لها الكثير من وسائل الاعلام، فالاحباط الاقتصادي والاجتماعي سيد الموقف وما دونه عرض لمرض اخذ في التفاقم والتفشي اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا، وعلى النخب ان تتحمل مسؤوليتها وان تتوقف عن الجدل البيزنطي التافه؛ فالاقتصاد ينهار والبعض مشغول بسفاسف الامور على مواقع التواصل الاجتماعي التي لن تغير في الواقع شيئا يذكر.
motilium suspension 60ml
