الرئيسية / كتابات / العراق وسوريا.. الحلول السياسية وإدارة الفوضى

العراق وسوريا.. الحلول السياسية وإدارة الفوضى

حازم عياد
منذ اشهر تتفاعل الاجندة السياسية، تتضارب وتتقارب؛ تارة عبر مؤتمر جنيف 3 للمفاوضات السورية، وتارة عبر اعادة ترسيم وهندسة المشهد السياسي عبر البرلمان العراقي وتشكيل الحكومة واعادة بناء البيت السياسي السني وترميمه، فما بعد داعش والفوضى سينتهي الى فوضى وصدام اقليمي ودولي مباشر بدون ترتيبات سياسية مقبولة، وما إن تظهر معالم توافق اقليمي ودولي حتى تتبدد وتتلاشى لتعود حلقة العنف والفوضى المتجددة كأحد ابرز الادوات لإدارة الصراع السياسي المحلي والاقليمي والدولي، مثيرة قدر كبير من الفوضى واللغط لتضغط على الخصوم على امل استعادة التوازن المختل، عاكسة حجم التضارب في الاجندة والهواجس المتبادلة بين القوى المحلية والاقليمية والدولية المتصارعة.
فحراك الشارع العراقي ترافق مع حراك برلماني استهدف رئيس البرلمان سليم الجبوري ممثل بالكتلة السنية في مقابل حراك لمواجهة العبادي المقبول لدى الدوائر الغربية والامريكية كحال الاستاذ الجبوري؛ لتتجه البوصلة من محاسبة الحقبة السابقة الى الحالية التي تصدت لملف انهيار الجيش العراقي في الموصل، ليحتدم الخلاف حول شكل الحكومة التي تحولت الى ميدان تصارع تحت مسمى حكومة التكنوقراط بمرجعيات حزبية، الصراع احتدم وتم تجاوز الخطوط الحمراء باجتياح اتباع الصدر للمنطقة الخضراء واحتدام الصراع في البيت الشيعي ما دفع لعقد لقاءات في بيروت برعاية حزب الله، لوقف حالة التأرجح والتذبذب القوية بين الاجندة الامريكية والايرانية.
الصراع الدائر يخفي تحته تضارب الاجندات والنفوذ سواء الامريكي ام الايراني ام التركي والعربي في الساحة العراقية، ليعود تنظيم الدولة «داعش» الى المشهد بقوة خصوصا بعد اجتياح المنطقة الخضراء، والاعلان عن توافقات مناطقية بين الحشد الشعبي والعشائر السنية في منطقة الديوانية بالقرب من تكريت لعودة المهجرين من السنة، اتفاق على الارجح كان موضعيا وليس ضمن اتفاق عام او توافق كامل في البيت الشيعي؛ ما يهدد بإثارة مزيد من الشروخ المحلية والاقليمية.
«داعش» بددت كافة الاوهام بإمكانية احداث خروق سياسية وانسانية منفردة هنا وهناك لتستولي على المشهد، وتفعل الضغوط الاقليمية والدولية موصلة الامور الى وهم حافة الانهيار، موحية بإمكانية اعادة ترتيب وهندسة الساحة باستحضار فاعلين جدد الى الساحة السياسية؛ ففي لحظة حاسمة دخلت عميقا في بغداد لتضرب بعنف غير مفهوم اختراق لا يتناسب مع طبيعة المعركة الدائرة وحالة الحصار المفروضة عليها في الموصل؛ موحية بانتقال المعركة من اروقة السياسة والدبلوماسية الى ميدان الحرب والقتال، ومستعيدة اجواء التأزم الميداني قبل عامين مهددة الجهود الامريكية في العراق بل مشروعها لترتيب البيت السني تارة وتارة اخرى مربكة البيت الشيعي الذي يعيش صراعا معلنا بين اقطابه؛ فالمساومات بلغت ذروتها وامكانية اثارة مزيد من الفوضى لفك وتركيب التحالفات مرة اخرى باتت ممكنة في ظل الفوضى القائمة المتحكم بها بتواجد عسكري قوي دولي واقليمي ومحلي.
ادارة الصراع السياسي ومحاولة استعادة التوازن، وتحشيد القوى السياسية على خلفية الصراع السياسي باتت داعش جزءا منه على الارجح بطريقة او اخرى، فالطيران الامريكي لم تظهر فاعليته كما ظهرت في الاشهر الماضية؛ عاكسا الشروخ في الاداء السياسي والعسكري وتراجع التنسيق؛ عبر عنها رفض الائتلاف الشيعي لأي محاولة لعقد لقاء لأقطاب البعث في باريس، عاكسا على الارجح نفوذا ايرانيا رافضا أي ترتيب للبيت السني في مقابل هواجس وشكوك من النوايا الامريكية، خصوصا ما يتعلق بإمكانية نجاح الولايات المتحدة من ترتيب البيت السني على خلفية الجهود التي تبذلها واشنطن.
فصراع النفوذ مع طهران ترك اثارا واضحة على الاداء الميداني؛ ما مثل ضغوطا متبادلة بين الاطراف الاقليمية والدولة المتصارعة على الساحة العراقية؛ ليأخذ شكل الفوضى وسياسة الحافة وعض الاصابع التي اثارتها هجمات تنظيم الدولة مؤخرا.
الحالة السورية لا تختلف كثيرا، فالفوضى هي احد الادوات المهمة لإدارة المشهد السياسي وتخليق الضغوط واظهار محدودية تأثير الاطراف المتصارعة واستعادة التوازن واحتواء نفوذ القوى الاقليمية والمحلية؛ بإظهار عجزها عن المواجهة او التفرد في المشهد حال تخلت الاطراف الدولية والاقليمية الراعية عن أدوارها؛ ليضعف تأثير الغطاء الجوي الروسي مبرزا خروقاً مشابهة لما حدث في بغداد وفي توقيت متزامن، تعرضت دمشق لهجوم نوعي باغتيال قيادي بارز من حزب الله في مقابل انتكاسات عسكرية كبيرة للنظام في حلب ودير الزور وتدمر، ولتجد طهران نفسها وحدها في ميدان المعركة متخبطه في ادارة المعركة وغارقة في الفوضى مظهرا عجزا كبيرا عن تحقيق اي من اهدافها العسكرية او السياسية.
لا يمكن الفصل بين تقدم وتعرقل الجهود السياسية والمساومات القائمة وبين الفوضى التي باتت احد ادوات ادارة الصراع في سوريا والعراق لإرباك الخصوم؛ اذ باتت الفوضى اهم الادوات واكثرها فاعلية لإدارة الصراع السياسي وتبادل الضغوط بين الخصوم بإيصال المشهد الى حافة الانهيار الافتراضية؛ ما يعني ان الازمة في سوريا والعراق لا تحمل صفة الاستعجال لدى القوى الدولية بذات القدر الذي تحمله للقوى الاقليمي والمحلية التي تبحث عن انتصارت سياسية وعسكرية مدوية تعزز نفوذها ومكانتها. cialis super active plus reviews

motilium breastfeeding side effects

عن محمد محيسن