الرئيسية / كتابات / الضفة الغربية ساحة للمواجهة

الضفة الغربية ساحة للمواجهة

منذ اعلان ترمب القدس عاصمة للكيان لم تتوقف الفعاليات الفلسطينية المقاومة للاحتلال على مدى الشهرين الماضيين في الضفة الغربية؛ فإعلان ترمب الاخير اسهم في تكريس واقع اخذ في التشكل منذ العام 2015؛ مرحلة تميزت بحوادث الطعن والدهس مستهدفة المستوطنين لتتحول الى سمة طغت على المشهد خلال الاعوام الثلاثة الماضية؛ تخللها عمليات نوعية بالاسلحة النارية.
التوتر الحاصل في الشهرين الاخيرين اكد هذا التحول والتطور الذي بات مدعوما من الحاضنة الاجتماعية والشعبية في الضفة الغربية، والاهم انه بات له رموز نضالية يحركه الناس ويرغبون باستمرارها.
فتتبع مسار المواجهة على مدى الاعوام الثلاثة يشير الى انها اتسمت بالاستمرارية وترسخت لتصبح حالة مقاومة وثقافة راسخة، مهدت لتطور نوعي في المقاومة الفلسطينية اخذ يبرز بين الحين والآخر كان آخرها عملية نابلس واستشهاد منفذها الشهيد احمد جرار في مدينة جنين.
المواجهة الاخيرة اشارت بوضوح الى تطور نوعي لا في طبيعة المواجهة بل في  الحاضنة الاجتماعية التي بدأت تستعيد عافيتها لدعم الفعل المقاوم في فلسطين؛ فلكما اتسع تفاعل هذه الحاضنة مع المقاومة ازدادت فاعليتها وقدرتها على المناورة والحركة رغم سطوة قوات الاحتلال واجهزتها الامنية؛ فقبل اشهر كانت العمليات تأخذ طابع العمل الاستشهادي الذي لا ينتظر الكثير من الحاضنة الاجتماعية عند الانسحاب من الميدان.
تطور الحاضنة الاجتماعية وثقافة المقاومة خلال الاعوام الاخيرة تأثر بالفعل المقاوم ونوعيته؛ اذ اصبح له رموز كمنفذي عملية القدس الجباريين الثلاثة واخيرا احمد جرار واصبحت المجتمع اكثر تعلقا من ناحية عاطفية بالمقاوم الفلسطيني وحريص عل نجاته واستمراره؛ مسألة باتت مصدر ضيق للكيان الصهيوني ومؤسساته الامنية؛ فظاهرة الرموز اخذت بالانتشار بشكل كبير كقدوة لكل الشباب الراغب في المقاومة فهناك رموز نسوية واطفال وشيوخ ورجال تعكس طبيعة المواجهة وتنوع الشرائح الاجتماعية والفئات المنخرطة فيها.
من المؤكد ان هذا التراكم الكبير خلال السنوات الثلاث الماضية والتطورات الحاصلة خلال الشهرين الماضيين تؤكدان ان الضفة الغربية دخلت معادلة المواجهة، ولم تعد تسير على خطى دايتون والتنسيق الامني فهذه المرحلة تم تجاوزها على الارجح بأدوات وتقنيات ووسائل جديدة يصعب قهرها وهي تمثل مفتاحا لجولة طويلة من المواجهة مع الاحتلال في الضفة الغربية تغذيها حالة العجز السياسي والاقتصادي للشاريع التسوية وعدم واقعيتها، فضلا عن حالة الافلاس السياسي لدى دولة الكيان الذي انصب تركيزه على الرهان على الدول العربية، متجاهلا حقيقة وجود اكثر من 6 ملايين فلسطيني على ارض فلسطين؛ فمشكلته الاساسية هي الشعب الفلسطيني المرابط في ارض فلسطين، ولا يمكن تجاوزها او حلها بالتعلق بأوهام الصفقات الاقليمية او الاوهام التطبيعية، كما لا يمكن تجاوزها باللقاءات والمؤتمرات والخطابات الاعلامية، فالفلسطينيون حقيقة راسخة على ارض فلسطين لا يمكن تجاوزها.

عن محمد محيسن