الرئيسية / غير مصنف / استدراج الرياض إلى معركة المقاطعة

استدراج الرياض إلى معركة المقاطعة

لم يصمد الحصار الجوي المفروض على الدوحة طويلا؛ إذ لم تتمكن الرياض وأبو ظبي من الاستمرار بفرض حظر على المعابر الجوية باتجاه قطر لمخالفة ذلك الأعراف والقوانين الدولية.
ورغم اضطرار الرياض وأبو ظبي السماح لشركات الطيران المرور بأجوائها باتجاه الدوحة إلا إنها بقيت مصرة على مقاطعة شركات الطيران القطرية كحد أدنى ومنعها استخدام الأجواء السعودية والإماراتية؛ فأبو ظبي والرياض تجدان صعوبة في تقبل التراجع المستمر لزخم حملات المقاطعة والحصار.
يوما بعد يوم تتآكل المقاطعة وتفقد أهميتها في ظل الانتقادات الحادة التي تتلقاها الدول المقاطعة من قبل العديد من القوى الإقليمية والإسلامية التي ترى في خطوة المقاطعة عملا جانب الحكمة والصواب؛ الى حد دفع الرئيس التركي أردوغان الى القول إن الحصار والمقاطعة مخالفة لتعاليم الإسلام؛ في محاولة لدفع الأمور للتوازن ومساعدة الرياض للخروج من المأزق والابتعاد عن الغرق في مستنقع الأزمة الخليجية.
الباكستان من ناحيتها لا تخالف أنقرة كثيرا برفضها الانضمام الى المقاطعة؛ إلا إنها اقل حدة في انتقادها؛ وأكثر ميلا الى محاولة لعب دور الوسيط لتخفيف التوتر والتحذير من مخاطر توسع الأزمة لتتحول الى صراع إقليمي يتضرر منه الجميع؛ فجهود إسلام أباد تتكامل الى حد كبير مع جهود أنقرة.
الجهود الدبلوماسية المكثفة التي بدأت المنطقة تشهدها وعروض الوساطة المتعددة بدأت تعكس حجم الاهتمام العربي والإقليمي بالأزمة ومخاطرها الكامنة على الخليج العربي وخصوصا المملكة العربية السعودية؛ التي تم توريطها في أكثر من صراع إقليمي ونزاع.
فالصراعات والمعارك التي تم دفع السعودية إليها بأجندة غامضة هددت باستنزاف طاقات الرياض السياسية والاقتصادية العسكرية؛ فجل الصراعات والتكتيكيات المتبعة لا تخدم المملكة كما أن الصراعات التي انخرطت فيها الرياض لا تحمل آفاقا سياسية واضحة تخدم أجندة عربية أو إسلامية.
ولعل أكثر ما تعانيه السعودية ويهدد مصالحها توريطها بمواقف جديدة من القضية الفلسطينية لا تخدم مكانتها ودورها القيادي وصورتها في العالم العربي أو الإسلامي؛ خصوصا أن المقاومة الفلسطينية يزيد عمرها عن المائة عام وإدانة المقاومة تمثل إدانة لمقاومة الشعب الفلسطيني في دفاعه عن أرضه مسألة يصعب تقبلها فلسطينيا وعربيا وإسلاميا.
فالخشية من توريط السعودية واستدراجها الى صراعات ومواقف تؤدي الى تآكل مكانتها الإقليمية وشرعيتها السياسية والدينية في العالم العربي والإسلامي؛ تقف خلف حرص كل من الباكستان وتركيا الى تكثيف جهودهما لإيصال الحقائق الى الرياض قبل فوات الأوان؛ لتدارك الأزمة ومنع تحولها الى أزمة دولية وإقليمية يصعب السيطرة عليها.

عن محمد محيسن