إعادة تعريف الفساد

ثمة فارق كبير بين التعريف الدولي للفساد والحقيقة الواقع الذي نعيشه في العالم الثالث بعد أن تجاوزت طرق ممارسة الفساد كل القيم التي يعرفها أصحاب النظريات التقليدية.
تعرف منظمة الشفافية الدولية الفساد بأنه «سوء استخدام السلطة العامة لتحقيق منفعة خاصة»، ويعرفه البعض أنه «تقديم الخاص على العام». وفي إطار هذا التعريف يكون الفساد وصفاً لحالة خاصة بمؤسسات الحكومة وقطاعاتها المختلفة ولا يتصل بالقطاع الخاص.
في بلادنا تعريف الفساد يتجاوز ذلك بكثير، حيث لا يكتفي الفاسدون بتلويث أنفسهم بل بإفساد الآخرين، حيث يشمل تأثيرهم الأخلاق والضمير والقطاع الخاص قبل العام، والأخطر من هذا وذاك هو إفساد العقل وتلويث المجتمع.
ما نسميه الفساد أصبح الآن اسما حركيا لكل ما تتسم به حياتنا من تخلف وفقر وقهر وعدم تناغم مع الذات مع المحيط.
الفساد السياسي الأكثر خطورة؛ كونه يحمي المفسدين من العقاب ويمنحهم رخصة «مزاولة المهنة»، وفي كثير من الأحيان يجعلهم بعيدين عن الشبهات، وفي أحيان أخرى يغطيهم بقيم الأخلاقية وشرعية.
الفساد هو أول خطوات التخلف ونهب مقدرات الدولة لصالح فئة محدودة من المجتمع غيبوا ضميرهم وإنسانيتهم وانساقوا وراء مصالحهم الخاصة. التعريف السابق للفساد لم يطل فساد الضمير وفساد الأخلاق والفساد الاجتماعي ولا الفساد السياسي.. أليست الجريمة فساداً؟ أليست الرذيلة فساداً؟ تهريب المخدرات أليس فساداً؟ صناعة أدوية فاسدة وتقديمها للناس أليس فساداً؟
حين يزدحم الناس في طوابير لها اول وليس لها اخر للحصول على الخبز او النفط او الماء اذا شحت سلعة ألا يعني هذا ان فاسدين سرقوا دورهم وأخذوا حصتهم من هذه السلع.
عندما لا يجد مئات الشباب فرصا في العمل أو وظيفة، فيما تفتقر الكثير من المؤسسات للكفاءات، ألا يعني ذلك ان هناك خلالا ما تسبب فيه احد الفاسدين.
أخيرا ثمة من يؤكد ان ما حدث في العقبة التي طال التلوث الهواء فيها قبل أيام عشرات الأسر العقباوية، نتيجة تسرب غاز من الكيان الصهيوني.. وبعد ان تم لفلفة الموضوع وكأن شيئا لم يكن بانه قمة الفساد السياسي.
فمن يقف بجانب هذه الأسر التي قضت أياما في المشافي الحكومية ومن يعيد لهم حقهم، من يعطيهم شيئا من الطمأنينة، ومن يضمن لهم ان شيئا مماثلا لن يحث في المستقبل.