الرئيسية / كتابات / أبوظبي والفضاءات المتشابكة

أبوظبي والفضاءات المتشابكة

حازم عياد
تخوض ابو ظبي معارك شرسة في العديد من الجبهات الممتدة من ليبيا ومصر، الى فلسطين واليمن والبحر الاحمر، وليس انتهاء بالخليج العربي وآخرها الازمة مع دولة قطر.
ورغم الانخراط الكثيف لأبوظبي في العديد من الازمات ولفترة ليست بالقصيرة، الا ان الازمة الاخيرة مع دولة قطر على خلفية الاختراق لوكالة الانباء القطرية «قنا» اشعلت حربا اعلامية غير تقليدية في البيت الخليجي وكسرت الكثير من الحواجز والمحرمات، فاتحة الباب لمزيد من التصدعات في العلاقات العربية -العربية، ومولدة مزيدا من الضغوط والتحديات التي تواجهها السياسة الاماراتية سواء في البحر الاحمر او شمال افريقيا.
فالجبهات كلها باتت مشتعلة من ليبيا الى اليمن، والفضاءات كافة باتت مشتبكة، سواء الفضاء الاعلامي التقليدي او الافتراضي وعلى رأسه شبكات التواصل الاجتماعي، ما فتح الباب لخوض حروب سبرانية ومواجهات عنيفة في الفضاء الالكتروني.
فالفضاء الالكتروني باحتوائه على كم هائل من المعلومات والنشاطات المرتبطة بأداء الدول وسياساتها بات احد الفضاءات المهمة للمواجهة وتصفية الحسابات، التي لم يعد بالامكان السيطرة عليها وباتت اقل كلفة واكثر تأثيرا في تحطيم اجندة الدول والحد من فاعليتها السياسية ومحاصرتها.
فأبو ظبي الان تخوض مواجهة قوية على خلفية التسريبات لوثائق ورسائل من بريد سفارتها في واشنطن، ورغم ان عددا من الخبراء والمهتمين والصحف الغربية قلل من اهمية الوثائق المسربة، الا ان التوقيت الذي تم فيه التسريب والفترة الزمنية المستهدفة بالاختراق الممتدة من العام 2014 اعطى قيمة كبرى للهجمة الالكترونية ومغزاها والعناوين التي حملتها، فأبو ظبي على وشك الدخول في حرب شاملة مع كافة خصومها من العرب والعجم على الارجح، خصوصا بعد حالة النشوة التي تبعت تطور علاقة الامارات بالإدارة الامريكية الجديدة الامر الذي اثار تحفظ وقلق العديد من الدوائر في امريكا وفي المنطقة والاقليم بأكمله.
فالتسريبات تعني اعلان حرب على دولة الامارات ورغبة حقيقية في المواجهة معها من قبل العديد من الاطراف الاقليمية والدولية على الارجح المستاءة من تنامي نفوذ ابو ظبي وحظوتها لدى ادارة ترمب، خصوصا ان الوثائق المسربة تضمنت الاشارة الى فترة حرجة وحساسة من تاريخ الاقليم العربي شملت انقلابات وحروب وثورات، كما ترافقت مع اشارات حول دور اماراتي في تطور العلاقة بين ادارة ترمب وروسيا الاتحادية فاتحا مزيدا من الثغرات والفجوات التي تتيح للمؤسسات الامنية الامريكية متابعة نشاطها والبحث في فرضيات جديدة.
فقيمة التسريبات تزداد اهمية لارتباطها زمانيا بتحقيقات الـ FBI تعالج الحملات الانتخابية الامريكية وخصوصا حملة الرئيس الامريكي ترمب، تحقيقات طالت افراد اسرته واصهاره، امر من الممكن انه يفسر اهتمام مكتب التحقيقات الفيدرالي الامريكي بالمواجهة السبرانية الدائرة في المنطقة العربية.
فالتوقيت واطراف المواجهة فتحت شهية مكتب التحقيقات الفيدرالي الامريكي FBI لتوسيع دائرة نشاطه بالمساهمة بتقديم خدماته لملاحقة وتتبع الجهات التي اخترقت وكالة الانباء القطرية قنا، ما يعني ان المعارك الدائرة في امريكا ستجد قريبا انعكاسا لها في منطقتنا العربية.
المعارك الدائرة بين دول الاقليم ستزاد سخونة وسترفع من الكلف على الدول الفاعلة في الاقليم ما سيمثل تحديا كبيرا ومعضلة متفاقمة لأبوظبي التي حملت على عاتقها خوض معارك في عدد كبير من الجبهات ودفعة واحدة، من شمال افريقيا الى البحر الاحمر والمحيط الهندي وانتهاء بجبال الهملايا، مسألة كفيلة بأن تدفع ابو ظبي الى توسيع هامش المناورة لديها والبدء بعمليات تصفير سريعة لخلافاتها، ذلك ان التقديرات المتجددة للموقف تدفع بقوة نحو ضرورة وقف كرة الثلج المتدحرجة التي ستهدد البيت الخليجي وستزيد من اعباء ابو ظبي المستقبلية.

عن محمد محيسن